كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخبرنا عبد الله بن حامد، قال: أخبرنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك القاضي قال: حدّثنا أحمد بن الحسين بن سعيد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حصين عن الأعمش وعبدة الضبي عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت فِلقَتَيه. وأخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا مكي، قال: حدّثنا أبو الأزهر قال: حدّثنا روح عن شعبة عن سليمان عن مجاهد عن ابن عمر نحو حديث ابن مسعود.
وأخبرنا عبد الله قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن زيد الصيرفي قال: حدّثنا علي بن حرب، قال: حدّثنا ابن فضيل، قال: حدّثنا حصين عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، قال: انشقّ القمر ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة.
وأخبرنا عبد الله قال: أخبر عمر بن الحسن الشيباني قال: حدّثنا أحمد بن الحسن قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حصين عن سعد عن عكرمة عن ابن عباس والحكم عن مجاهد عن ابن عباس ومقسم عن ابن عباس قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باثنين: شطره على السويداء، وشطره على الجندمة.
وأخبرني عقيل بن محمد أن أبا الفرج القاضي حدّثهم عن محمد بن جرير قال: حدّثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: حدّثنا بشر بن المفضل. قال: حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا الجبل بينهما.
وبه عن محمد بن جرير قال: حدّثنا علي بن سهل قال: حدّثنا حجاج بن محمد عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين.
وبه عن محمد بن جرير قال: حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا عطاء بن السايب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: نزلنا المدائن فكنّا منها على فرسخ، فجاءت الجمعة فحضر أبي فحضرنا معه فخطبنا حذيفة، فقال: ألا إنّ الله سبحانه يقول: {اقتربت الساعة وانشق القمر}، ألا فإنّ الساعة قد اقتربت، ألا وإنّ القمر قد انشقّ، ألا وإنّ الدنيا قد أذنت بفراق،. ألا وإنّ اليوم المضمار وغدًا السباق، فقلت لأبي أيستبق الناس غدًا؟ فقال: يا بني إنك لجاهل، إنّما هو السباق بالأعمال، ثم جاءت الجمعة الأُخرى فحضرنا فخطب حذيفة فقال: ألا إنّ الله يقول: {اقتربت الساعة وانشق القمر} ألا وإنّ الساعة قد اقتربت، ألا وإنّ القمر قد انشقّ، ألا وإنّ الدنيا قد أذنت بفراق، ألا وإنّ المضمار اليوم وغدًا السباق، ألا وإنّ الغاية النار والسابق من سبق إلى الجنة.
وبه عن ابن جرير قال: حدّثنا الحسن بن أبي يحيى المقدسي قال: حدّثنا يحيى بن حماد، قال: حدّثنا أبو عوانة عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال: انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة سحركم، فسألوا السفار فسألوهم، فقالوا: نعم قد رأينا. فأنزل الله سبحانه: {اقتربت الساعة وانشق القمر}.
{وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقولواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} ذاهب سوف يذهب ويبطل من قولهم: مرّ الشيء واستمر إذا ذهب، ونظيره: قرّ واستقر، هذا قول مجاهد وقتادة والفرّاء والكسائي.
وقال أبو العالية والضحاك: محكم شديد قوي. سيان عن قتادة: غالب، وهو من قولهم: مرّ الحبل إذا صلب واشتد وقوي، وامررته أنا إذا أحكمتُ فتله. ربيع: نافذ. يمان: ماض. أبو عبيدة: باطل، وقيل: يشبه بعضه بعضًا.
{وَكَذَّبُواْ واتبعوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ} يقول: وكل أمر من خير أو شر مستقر قراره، ومتناه نهايته، فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار.
قال قتادة: وكل أمر مستقر: أي بأهل الخير الخير، وبأهل الشر الشر، وقال مقاتل: لكل امرئ منتهى، وقيل: لكل أمر حقيقته، وقال الحسن بن الفضل: يعني يستقر قرار تكذيبهم وقرار تصديق المؤمنين حتى يعرفوا حقيقته في الثواب والعقاب، وقيل: مجازه: كلّ ما قدّر كائن واقع لا محالة، وقيل: لكل أمر من أُموري التي أمضيتها في خلقي مستقر قراره لا يزول، وحكى أبو حاتم عن شيبة ونافع مستقرّ بفتح القاف، وذكر الفضل بن شاذان عن أبي جعفر بكسر الراء، ولا وجه لهما.
قال مقاتل: انشقّ القمر ثم التأم بعد ذلك.
{وَلَقَدْ جَاءَهُم} يعني أهل مكة {مِّنَ الأنباء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} متناهى. قاله مجاهد. سفيان: منتهى، وهو مفتعل من الزجر، وأصله مزتجر. فقلبت التاء دالا.
{حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} تامة ليس فيها نقصان وهي القرآن {فَمَا تُغْنِ النذر} إذا كذّبوهم وخالفوهم.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} نسختها آية القتال {يَوْمَ} الى يوم {يَدْعُ الداع إلى شَيْءٍ نُّكُرٍ} منكر فظيع عظيم وهو النار، وقيل: القيامة، وخفّف الحسن وابن كثير كافه. غيرهما مثقّل، وقرأ مجاهد (نُكِر) على الفعل المجهول أي أُنكر.
{خُشَّعًا} ذليلة {أَبْصَارُهُمْ} وهو نصب على الحال مجازه {خُشَّعًا}، وقرأ ابن عباس ويعقوب وحمزة والكسائي وخلف (خاشعًا) بالألف على الواحد، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتبارًا بقراءة عبد الله وأبي رجاء خاشعة أبصارهم، وقرأ الباقون (خشّعًا) بلا ألف على الجمع.
قال الفرّاء وأبو عبيدة: إذا تأخرت الأسماء عن فعلها فلك فيه التوحيد والجمع والتأنيث والتذكير تقول من ذلك: مررت برجال حسن وجوههم، وحسنة وجوههم وحسان وجوههم. قال الشاعر:
وشباب حسن أوجههم ** من إياد بن نزار بن معد

فمن وحّد فلأنّه في معنى الجمع، ومن جمع فلأنّه صفات، والصفات اسماء، ومن أنّث فلتأنيث الجماعة، وقال الآخر:
يرمي الفجاج بها الركبان معترضًا ** أعناق بزلها مزجىً لها الجدل

قال الفرّاء: لو قال: معترضة أو معترضات أو مزجاة أو مزجيات كان كل ذلك جائزًا.
{يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث} القبور {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} حيارى، وذكر المنتشر على لفظ الجراد، نظيره {كالفراش المبثوث} [القارعة: 4].
{مُّهْطِعِينَ} مسرعين منقلبين عامدين {إِلَى الداع يَقول الكافرون هذا يَوْمٌ عَسِرٌ}.
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} أي قبل أهل مكة {قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا} نوحًا {وَقالواْ مَجْنُونٌ} أي هو مجنون {وازدجر} أي زجروه عن دعوته ومقالته، وقال مجاهد: استطر جنونًا، وقال ابن زيد: اتهموه وزجروه وواعدوه {لئنْ لم تنتهِ لتكوننّ من المرجومين}.
{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ} مقهور {فانتصر} فانتقم لي منهم.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن يوسف، قال: حدّثنا الوفراوندي، قال: حدّثنا يوسف ابن موسى، قال: حدّثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن عبد بن عمير، قال: إن الرجل من قوم نوح ليلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيًا، فيفيق حين يفيق وهو يقول: رب اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون.
{فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السماء بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ} منصبّ مندفق ولم يقلع ولم ينقطع أربعين يومًا.
قال ابن عباس والقرظي: منفجر من الأرض. يمان: طبق ما بين السماء والأرض. أبو عبيدة: هايل. الكسائي: سايل. قال امرؤ القيس يصف غيثًا:
راح تمريه الصبا ثم انتحى ** فيه شؤبوب جنوب منهمر

وقال سلامة بن جندل يصف فرسًا:
والماء منهمر والشدّ منحدر ** والقصب مضطمر واللون غربيب

{وَفَجَّرْنَا} شققنا {الأرض} بالماء {عُيُونًا فَالْتَقَى الماء} يعني ماء السماء وماء الأرض، وانما قال: التقى الماء، والالتقاء لا يكون من واحد وانما يكون من اثنين فصاعدًا، لأن الماء جمعًا وواحدًا.
وقرأ عاصم الجحدري: {فالتقى الماءان}، وقرأ الحسن {فالتقى الماوان} بجعل إحدى الألفين واوًا. {على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} قُضي عليهم في أُم الكتاب.
قال محمد بن كعب القرظي: كانت الأقوات قبل الاجساد، وكان القدر قبل البلاء، وتلا هذه الآية.
{وَحَمَلْنَاهُ على ذَاتِ أَلْوَاحٍ} ذكر النعت وترك الاسم، مجازه: على سفينة ذات ألواح من الخشب {وَدُسُرٍ} مسامير، واحدها دسار، يقال منه: دسرت السفينة إذا شددتها بالمسامير، وهذا قول القرظي وقتادة، وابن زيد ورواية الوالبي عن ابن عباس وشهر بن حوشب: هي صدر السفينة سمّيت بذلك لأنها تدسر الماء بجؤجئها، اي تدفع، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، قال: الدسر: كلكل السفينة، وأصل الدسر الجر والدفع، ومنه الحديث في العنبر «إنما هو شيء دسّره البحر»، أي دفعه ورمى به، وقال مجاهد: هي عوارض السفينة. الضحّاك: ألواح جانبها، والدسر أصلها وطرفها. ليث بن أبي نجيح عن مجاهد: أضلاعها.
{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي بمرأى منّا. مقاتل بن حيان: بحفظنا، ومنه قول الناس للدموع: عين الله عليك. مقاتل بن سليمان: بوحينا. سفيان: بأمرنا. {جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} يعني فعلنا ذلك ثوابًا لنوح، ومجاز الآية: لمن جحد وأنكر وكفر بالله فيه، وجعل بعضهم {مَن} هاهنا بمعنى (ما)، وقال معناه: جزاء لمن كان كفر من أيادي الله ونعمائه عند الذين غرقهم، وإليه ذهب ابن زيد، وقيل: معناه عاقبناهم لله ولأجل كفرهم به.
وقرأ مجاهد {جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} بفتح الكاف والفاء يعني كان الغرق جزاء لمن يكفر بالله، وكذب رسوله فأهلكهم الله.
وما نجا من الكفّار من الغرق غير عوج بن عنق كان الماء إلى حجزته، وكان السبب في نجاته على ما ذكر أن نوحًا عليه السلام احتاج إلى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقلها، فحمل عوج تلك الخشبة إليه من الشام. فشكر الله تعالى ذلك له ونجّاه من الغرق.
{وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا} يعني السفينة {آيَةً} عبرة.
قال قتادة: أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة عبرة وآية، حتى نظرت إليها أوائل هذه الأُمة نظرًا، وكم من سفينة كانت بعدها قد صارت رمدًا. {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} متّعظ معتبر وخائف مثل عقوبتهم.
{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} أي إنذاري. قال الفرّاء: الإنذار والنذر مصدران تقول العرب: أنذرت إنذارًا ونذرًا، كقولك: انفقت إنفاقًا ونفقة، وأيقنت إيقانًا ويقينًا.
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا} سهّلنا وهونّا {القرآن لِلذِّكْرِ} اي ليتذكر ويُعتبر به ويتفكر فيه، وقال سعيد ابن جبير: يسّرنا للحفظ ظاهرًا، وليس من كتب الله كتابًا يقرأ كله ظاهرًا إلاّ القرآن. {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} متّعظ بمواعظه.
أخبرني الحسن بن محمد بن الحسين، قال: حدّثنا موسى بن محمد بن علي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه قال: حدّثنا أبو عمير بن النحاس ببيت المقدس، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب عن مطر الوراق في قول الله سبحانه: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} قال: هل من طالب علم فيعان عليه.
{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ} شؤم وشرّ {مُّسْتَمِرًّ} وكان يوم الأربعاء، مستمر: شديد ماض على الصغير والكبير فلم تُبقِ منهم أحدًا إلاّ أهلكته، وقرأ هارون الاعور {نَحْسٍ} بكسر الحاء.
{تَنزِعُ الناس} تقلع الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدقّ رقابهم، قال ابن إسحاق: لمّا هاجت الريح قام نفر من عاد سبعة يسمى لنا منهم ستّة من أشدّ عاد وأجسمها منهم: عمرو بن الحلي، والحرث بن شداد والهلقام وابناتيقن، وخلجان بن سعد فأولجوا العيال في شعب بين جبلين، ثم اصطفوا على باب الشعب ليردّوا الريح عمن في الشعب من العيال، فجعلت الريح تخفقهم رجلا رجلا، فقالت امرأة من عاد: